إيكاروس (Iκαρος) | الشغف القاتل


صباح/مساء الخير

(يفضل قلب الشاشة إلى العرض للحصول على رؤية متناسقة) 

على الرغم من أن حكايتنا لهذا اليوم مُجرد أسطورة قد تكون أحداثها نُسجت و اختلقت فقط لكي تنقذ رقبة مجرم كانت ستقطع أو ربما لكي تملأ فجوات الحديث في المجلس

فمهما كان السبب و مهما كان الغرض

ستبقى تلك الأسطورة أسطورة تصف فضولنا الشره
تجسد شغفنا الغضبان لطرد القيود ثم الحرية
تحاكي تهورنا للانهائية


في احدا الأزمان كان هناك رجل يدعى دايدليوس و كان رمزاً فذاً في أمور النحت و الهندسة، و قد أكدت الأساطير ذلك الإبداع..
فقد سبق و صنع رجلاً من نحاس، و بقرة من خشب
و أخيراً قد بنى متاهة عظيمة لأجل حاكمه مينوس لكي يتمكن من حبس أي كائن
و تلك المتاهة التي بناها كانت آخر أعماله كرجلٍ حُر.

لأن ذلك الإبداع يبدو أنه سينتهي عندما استاء مينوس من دايدليوس لسبب ما، فتفجر غضبه و قام بحبس دايدليوس و ابنه إيكاروس في تلك المتاهة العظيمة.

يا لسخرية القدر..
حبس النحات في منحوتاته؟


الآن دايدليوس و إيكاروس منفيين على جزيرة تقبع في وسط المحيط، عالقين في متاهه معقدة، خالين من أي أدوات أو مساعدات
لكن كل ذلك كله لن يقف عائقاً أمام الأبوة
أمام أب يريد الخلاص و النجاة لإبنه

فقال:
" حتى و إن سلب مني مينوس الأرض و البحر، تبقى السماء مفتوحه أمامي و لن تخذلني في حريتي "

فأمرَ ابنه بجمع الريش المتساقط من الطيور، فجمعه و أتى به إلى أبيه ليلصق عليه الشمع و بذلك قد يكون انتهى من صنع الأجنحه له و لإبنه



عندما حان الوقت للطيران و الرجوع إلى الوطن، وصّى دايدليوس ابنه بأن لا يحلّق منخفضاً إلى البحر كي لا تذوّب الرطوبة شمع الأجنحة و أن لا يحلق عالياً إلى الشمس كي لا تذوّب الحرارة شمع أجنحته، فقط أن يبقى معتدلاً و قريباً من أبيه

بعد أن انتهى من وصيته قبّل دايدليوس ابنه إيكاروس ثم شرعوا في الطيران


و يبدو أن تلك القبلة تستدعي منّا التأمل
عندما قبّل إيكاروس كانت و كأنها قبلة الوداع
و كأنه قد علم بأن وصيته سوف تذهب مع الرياح
فكأنه قد تنبأ بمصرع ابنه

و قد صدقَ حدس الأب..


أشرعوا في الطيران و أصبحوا في المنتصف
من فوقهم السماء و من تحتهم البحر
و الرياح تحيط بهم من كل جانب لتدفعهم

عندها لم يقوى إيكاروس على كبت حماسه فلقد افتتن بزرقة السماء و تولّع بالشمس و تلك الخطوط التي تتدفق منها، فيشعر و كأنما فؤاده يريد الخروج من هذا الكيان البشري ليحلّق نحو الغامض المثير، نحو ما هو أعظم و أكبر، أراد أن ينغمس أكثر بكل هذا،
غير مكترثاً بالخطورة التي تكمن في تلك الخطوط إذا تمكنت من اختراق أجنحته
لم يأبه حقاً، فقد أراد المزيد..

ها هو الآن يستمر في التحليق مبتعداً عن أبيه
يحلّق يحلّق دون معرفة أن ما يحلّق اتجاهه قد يتسبب في نهايته
يحلّق متجاهلاً وصية والده، بل إنها لم تحضر في باله قط



حلّق إلى أن اصبح في قبضة الشمس فأذابت أجنحته فسقط في هاوية المحيط
تاركاً خلفه قلب أباه المتفطّر.



"Icarus should have waited for nightfall
the moon would have never let him go"


Nina Mouawad-




في الختام لا تسلك طريق إيكاروس في التحليق
ابقى معتدلاً في أحلامك حتى لا تحترق أو ينتهي أمرها في ظلمات البحر.



كُن بخير و استمتع❤ 




*بعض من الأغاني التي استمدت إلهامها من أسطورة إيكاروس:



Icarus - Bastille



Icarus - Mashrou' Leila